من جمالیات اللغة
( الجَنة- الجُنة - الجِنة )
الْجنَّة" من الْجَنِّ - بفتح الجیم - مصدر جَنَّ الشیء یَجُنُّه - بضم الجیم - ستَرَه، کل شیء ستر عنک فقد جن، وجَنَّه اللیل🌚 یجنُّه جنًّا وجنونًا، وجنَّ علیه یَجُنُّ - بضم الجیم - جنونًا وأجَنَّه: ستره وغطَّاه؛ قال الله تعالى عن خلیله إبراهیم: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأى کَوْکَبًا﴾ [الأنعام: ٧٦] .ُ
وبه سُمِّیَ الجنُّ ؛ لاستتارهم واختفائهم عن أبصار البشر، ومنه سُمِّیَ الجنین ؛ لاستتاره فی بطن أُمِّه
وجِنُّ اللیل - بکسر الجیم - وجنونه وجَنانه - بفتح الجیم - شدة ظلمته وادْلِهْمامه، واختلاط ظلامه، قال سلامة بن جندل: جَنَانُ اللَّیْلِ مَا آبَ عَامِرٌ
إِلَى جَعْفَرٍ، سِرْبَالُهُ لَمْ تُمَزَّقِ
والمَجْنون : من به جنون، وهو الذی أصیب بعارض ستَرَ عقْلَه وغیَّبَه، فلا یجده عند تصرُّفاته، فتخرج طائشةُ سفَهِه، والجنین أیضًا: المقبور، والقَبْر: الْجنَن، والجَنان أیضًا: الفؤاد؛لاستتاره فی الصدر، ولِوَعیه الأشیاء وجَمْعها وإخفائها،
والمِجَنُّ - بکسر المیم وفتح الجیم - التُّرْس ؛ لأنَّه یُواری صاحِبَه ویَسْتره عن ضربات عدوِّه، ومنه قولُهم:
قلَبَ له ظهْرَ الْمِجنِّ،
کلمة تُضرَب لِمَن کان لصاحبه على مودَّة ورعایة، ثم تَحوَّل عن ذلک وتغیَّر إلى ضدِّها
والْجُنَّة - بضم الجیم - ما ستَرَک من سلاح وغیره، وکل مستور: جَنین، حتَّى إنهم لیقولون: حِقْد جنین، وضِغْنٌ جنین، وفی الحدیث ((الصوم جُنَّة)) أیْ: یقی صاحبه ویَمْنعه ما یؤذیه ویهلکه من شرور نفسه ورعوناتها وسَفَهِها، وسیِّئات عمله؛ لأنَّه حین یکون مع ربِّه صائمًا یمْسک جَنان ولسانه وجوارحه من الانفلات والخوض فیما ینافِی الأدب مع ربِّه، فیقطعه عن لذَّة هذه العبادة .
والجانُّ: ضرْب من الحیات أبیض صغیر، ضعیف الْحَرکة، لا یکاد یُرى، والجمع: جِنَّان - بکسر الجیم وتشدید النون - ومنه الحدیث ((نَهى عن قتْلِ الْجِنَّان))، وقال اللهُ عن عَصا موسى: ﴿ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ کَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا ﴾ [النمل: ١٠]، والعرب تسمِّی الملائکة جنًّا؛ لاستتارهم عن العیون، قال الأعشى یَذْکر سلیمان - علیه السَّلام -:
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلاَئِکِ تِسْعَةً
قِیَامًا لَدَیْهِ یَعْمَلُونَ بِلاَ أَجْرِ
وجِنُّ النَّبت: زَهْره ونَوْرُه، وقد تَجنَّنَت الأرض، وجُنَّت جنونًا، وأرض مُتجنِّنة: یهولک عُشْبها وقد ذهب کلَّ مذهب، وجنَّتِ الرِّیاض: إذا طال نبْتُها والتفَّت أغصانه، واعتمَّ زَهْره ونَوْره.
والجَنَّة: الحدیقة ذات الأشجار الکثیرة المتنوِّعة من ذات الثِّمار، وذات الزَّهر والنَّوْر، تکون أشجارها متقاربة، وأغصانُها متعانقة، وثِمارُها دانیة، حتَّى لتَسْتر ما تَحتها من الأرض وغیرها، وسُمِّیت: جنَّة وهی المرَّة الواحدة من مصدر جنَّه جنًّا: إذا ستره، فکأنَّها سَتْرةٌ واحدة؛ لشدَّة التفافِها وامتداد ظِلِّها، ومِن هنا کانت: ﴿ أُکُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ﴾ [الرعد: ٣٥]، وکان سُکَّانُها ﴿ فِی سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْکُوبٍ * وَفَاکِهَةٍ کَثِیرَةٍ * لاَ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: ٢٩ - ٣٤].
--------------------------------------------------------------------------------
تفسیر القرآن الحکیم الشیخ محمد حامد الفقی مختارات_قناة_لغتی العلماء