أسباب ظهور السلوکیات اللاإنسانیة فی الإنسان... دلایل بروز رفتارهای غیر انسانی در میان آدمی

یتعرض الإنسان فی الآونة الأخیرة إلى الکثیر من الظلم والامتهان والتمییز فی الکثیر من الحالات ویظهر هذا الاستهداف بوضوح فی تکاثر الحروب وتعدد النزاعات وما یترتب عن ذلک من اعتداء على الحقوق وتهدید للمکاسب الکونیة والحریات المدنیة التی نصت علیها القوانین الدولیة وسعت المؤسسات لحمایتها.
لقد وجد الفکر الفلسفی نفسه أمام الکثیر من الصعوبات من أجل تفسیر حصول الارتداد وعودة الهمجیة وأعاد من جدید تشغیل المقاربات النقدیة والمناهج التشخصیة باحثا عن الأسباب التی تقف وراء رجوع  العنصریة والتفاوت والإقصاء وانسیاق الناس المسالمین وراء السلوکات العدوانیة والإضرار بغیرهم. لقد قدمت الفلسفة تصورات حول ارتکاب الناس لأعمال عدوانیة تجاه أنفسهم وتجاه بعضهم البعض:
-التفسیرات المیتافیزیقیة: الاعتماد فی سلطة المصیر المحتوم ضمن لعبة الوجود المطلق التی یحکمها صراع بین الخیر والشر ویکون الناس مجرد ضحایا للقوانین الکونیة التی تدفع القوى الى السیطرة على الضعیف وتکرس منطق تنظیم الأشخاص فی المجتمع وفق الترتیب الذی تکون علیه الأشیاء فی الواقع.
- التفسیرات الأنثربولوجیة: الطبیعة البشریة هی التی تحدد نوعیة السلوک الذی یصدر عن الکائن الإنسانی، فالطبیعة الشریرة التی تخضع لتقلبات المزاج وتناقضات الأهواء تدفع البعد الحیوانی الى تغطیة البعد العقلانی وتحویل البشر الى آلات راغبة ووحوش مفترسة وکیانات أنانیة تمارس العنف والفساد.
- التفسیرات الاجتماعیة: انقسام المجتمع إلى مجموعة من الطبقات وتفشی نزعة التملک الأنانی والتسلط الاحتکاری والنفوذ الفردی یؤدی إلى التفاوت فی حیازة الثروة واللاّمساواة فی الحقوق أمام القوانین وینتهی مسار التاریخ إلى اندلاع الصراع بین الطبقات وظهور أشکال من الاستغلال والاستعباد والظلم.
فإذا کانت التفسیرات المیتافیزیقیة موغلة فی المثالیة والجبریة وإذا بقیت التفسیرات الأنثربولوجیة فی دائرة الذاتیة والوضعیة فإن التفسیرات الاجتماعیة تبقى الأقدر على معالجة الأمراض التی یعانی منها النوع البشری والأقرب إلى الثقافة العقلانیة والتجریبیة العلمیة التی تنتصر على النزاعات اللاإنسانیة.

بهذا المعنى لا یرتکب الناس أفعالا مشینة تحت تأثیر القوى الماورائیة والمؤثرات الکوسمولوجیة أو نتیجة العناصر البیولوجیة الغضبیة والمکونات النفسیة المتشنجة وانما بسبب الظروف المادیة القاسیة والقمعیة.

من هذا المنطلق لا یتم القضاء على النزاعات اللاإنسانیة إلا بالثورة على الظلم الاجتماعی والشر السیاسی وذلک بترکیز الأطر الاجتماعیة التی تعید الاعتبار للکرامة البشریة المنزلة الحقوقیة التی تستحقها باقتدار، فکیف یمثل النضال الفلسفی ضد التوحش والهمجیة والازدراء دربا مضیئا لاستعادة الإنسان إنسانیته؟

---------------------------------

انفاس نت

کاتب فلسفی، دکتور زهیر الخویلدی